زعمت صحيفة “يديعوت أحرنوت” أن ” إسرائيل مصممة على تفكيك عرين الأسود” التي استطاعت إحياء المقاومة بطريقة لم تشهدها الضفة الغربية المحتلّة منذ عقدين، وقد شنّ الاحتلال عدوناً عليها وعلى قادتها الذين اغتالهم في الأيام الماضية ومن بينهم الشهيدين تام الكيلاني ووديع الحوح.
لكنّ المعلّق عاموس هرئيل، رأى في مقاله في صحيفة “هآرتس” العبرية أن “عرين الأسود هو في الواقع فكرة، أكثر من مجرد هيكل تنظيمي، وبالتالي من الصعب إيقاف انتشارها.. لهذا فإن أي ادعاء سيتم سماعه بشأن تدميرها في المستقبل القريب لن يكون ذا مصداقية، ونظراً لعدم وجود خلفية تنظيمية ثابتة أو تسلسل هرمي متميز هنا، فمن المستحيل ربط نشطائها أحدهم بالآخر إذا تم قتله أو اعتقاله”.
المقال المترجم:
دخلت قوات الأمن الليلة الماضية في نابلس في إطار جهد إسرائيلي مكثف يهدف إلى إلحاق الضرر بالتنظيم الفلسطيني الجديد “عرين الأسود”، وكانت مداهمة معمل المتفجرات التابع للمجموعة في حي القصبة بنابلس تهدف إلى إحباط مخططات لشن هجمات بالمتفجرات، وفي الوقت نفسه قتل أحد المنتمين للتنظيم بانفجار في سيارته.
وهذه ثاني حادثة من نوعها خلال يومين ينسبها الفلسطينيون إلى تجديد سياسة الاغتيالات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وأسفرت العملية التي جرت الليلة الماضية عن مقتل 5 فلسطينيين وجرح نحو 20 آخرين، فيما لم تقع إصابات في صفوف القوات الإسرائيلية خلال تبادل إطلاق النار.
وفي قرية النبي صلاح شمال رام الله قتل شاب برصاص الجنود، في غضون ذلك أصيب ناشطان فلسطينيان بالقرب من معبر سالم شمال جنين بنيران قناص بعد أن نصب الجيش الإسرائيلي كمينا هناك.
هناك سببان للتركيز الإسرائيلي على عرين الأسد، رمزي وعملياتي.
التنظيم الجديد، الذي يعتبر هيكله الهرمي بأنه فضفاض ولا يرتبط بأي تنظيم قديم – على الرغم من أن عناصره يتلقون دعماً مالياً من جميع الفصائل الفلسطينية – نجحوا في إثارة جيل الشباب في الضفة الغربية. في نابلس لديه عشرات الأصدقاء ومئات من المؤيدين، وتثير منشوراته على الشبكات الاجتماعية الكثير من الاهتمام والتعاطف. كما سجلت “عرين الأسد” نجاحات عملياتية في إطلاق نار على الطرق المحيطة بنابلس، قتل في إحداها جندي من جفعاتي، الرقيب الأول عيدو باروخ.
أدت هذه النجاحات إلى زيادة انشغال قوات الأمن الإسرائيلية، وفي بعض الأحيان وصل الى تلك القوات إنذارات محددة، مثلما حدث في الشهر الماضي حيث تم القبض على ناشط من نابلس في يافا مزوداً بأسلحة وقنابل أنبوبية، حيث أرسله رجال “عرين الأسود” إلى هناك لتنفيذ هجوم في تل أبيب، وفي الأسابيع الأخيرة فجّروا عبوتين ناسفتين قرب المستوطنات، وفي حالات أخرى وقعت “حوادث عرضية” أثناء التعامل مع العبوات الناسفة.
في شقة مخفية في حي القصبة أنشأ النشطاء معمل متفجرات، بقدر ما هو معروف، لم يتعلموا بعد تجميع العبوات الناسفة القاتلة، مثل معمل متفجرات TATP (بيروكسيد الأسيتون، مادة شديدة الانفجار)، الذي أحدثت به حماس الفوضى في الهجمات على الحافلات خلال الانتفاضة الثانية.
لم تُقم مجموعات “عرين الأسود” بعد بإرسال الانتحاريين (الاستشهاديين)، لكن العبوات الأنبوبية بالإضافة إلى المسامير كافية لإحداث أضرار جسيمة، ويبدو أن هذه كانت الخطة.
العملية الليلة الماضية كانت موجهة ضد معمل المتفجرات وأدارها الشاباك وقوات اليمام، وفي الوقت نفسه الهجوم على الشقة في القصبة وقع الانفجار في سيارة أحد نشطاء المجموعات، وقُتل أربعة مسلحين فلسطينيين آخرين بنيران الجيش الإسرائيلي، عندما حاولوا الوصول إلى حي القصبة لمساعدة رفاقهم الذين تعرضوا للهجوم.
ولغرض تأمين القوات، قام الجيش بتشغيل طائرات بدون طيار في الجو، ولكن حتى الآن لم يتم استخدامها بشكل هجومي، فقد كان أحد القتلى “وديع حوح” هو ناشط كبير في المجموعات.
يعلن الجيش توقعه بتنفيذ عمليات أخرى في حي القصبة بنابلس ومخيم جنين، والهدف المعلن هو خلق حالة من الشعور بعدم الأمن لدى المطلوبين في المناطق التي نادراً ما تعمل فيها أجهزة السلطة الفلسطينية، وتقول إسرائيل إنها لن تسمح بمدن لجوء للمطلوبين في الضفة الغربية.
لا يمكن تجاهل العلاقة بين الجهد الأمني والخلفية السياسية، بالنسبة للحكومة قبل أسبوع من الانتخابات، من المهم أن تظهر أنها تتعامل مع تهديد إرهابي (مقاومة) جديد ومتزايد.
طُلب من الجيش الإسرائيلي والشاباك إظهار النتائج وهو ما يفسر أيضاً الوجود غير المعتاد نسبياً لرئيس الأركان أفيف كوخافي ورئيس الشاباك رونين بار في غرفة التحكم أثناء العملية.
أحد الأسئلة المطروحة الآن هو ما إذا كان تصاعد العنف في الضفة الغربية، ومحاولات تنفيذ عمليات انتقامية، سيكون لهما عواقب على الانتخابات.
في الوقت الحالي يبدو أن معظم الناخبين غير مبالين بهذا الأمر، ومع ذلك من الممكن أن يؤدي النزيف اليومي المستمر في الضفة الغربية إلى إعاقة تصويت الجمهور العربي في إسرائيل.
أما بالنسبة للجانب الفلسطيني، فقد نجح “عرين الأسود” في وصف أنفسهم بأنهم ظاهرة جديدة وشعبية، وعلى الرغم من العدد الصغير نسبياً لأعضاء المنظمة، لهذا فإن أي ادعاء سيتم سماعه بشأن تدميرها في المستقبل القريب لن يكون ذا مصداقية، ونظراً لعدم وجود خلفية تنظيمية ثابتة أو تسلسل هرمي متميز هنا، فمن المستحيل ربط نشطائها أحدهم بالآخر إذا تم قتله أو اعتقاله. “عرين الأسود” هو في الواقع فكرة، أكثر من مجرد هيكل تنظيمي، وبالتالي من الصعب إيقاف انتشارها، وشعبيتها تكتسب زخماً كبيراً لن يتم إخمادها بسهولة.
المقاربة المقبولة في إسرائيل ترى أنه كلما زاد عدد القتلى الفلسطينيين، سيزداد خطر انتشار المواجهات بشكل شعبي .لا تقبل الحكومة الحالية ورؤساء الأجهزة الأمنية الدعوات الديماغوجية من اليمين لتنفيذ عملية “السور الواقي2” في الضفة الغربية، فالظروف على الأرض مختلفة عما كانت عليه في عام 2002.
في الوقت الحالي، يبدو أن الإجابة تكمن في النشاط المركّز في شمال الضفة الغربية، وليس إرسال عشرات الآلاف من الجنود لاستعادة المنطقة، يمكن إعادة النظر في هذه السياسة إذا كان هناك تغيير في تكوين الحكومة بعد الانتخابات.
المصدر: هآرتس
الكاتب: عاموس هرئيل