يبدو أن حادثة سقوط صاروخ S-300 في بولندا، قد مرت بسلام، بعد ان اعتقد أغلبية المتابعين حين سماعهم للخبر، بأن هذه الحادثة التي أدت الى مقتل مزارعين بولنديين، قد تؤول الى نشوب صراع مباشر ما بين روسيا والناتو، لا يمكن التكهن كيف سينتهي.
وقد أبلغ الرئيس الأميركي جوزيف بايدن مجموعة السبع وشركاءه في حلف شمال الأطلسي الناتو، بأن أن هذه الحادثة نجمت عن صاروخ أطلقه الدفاع الجوي الأوكراني. وهذا ما أكدّ عليه أيضاً، الأمين العام للناتو “ينس ستولتنبرغ”، خلال مؤتمر صحافي له في بروكسل، حينما قال بألا مؤشر يسمح بالقول بأن الانفجار ناجم عن هجوم متعمّد. مضيفاً بأن تحليل الحلف يفيد بأن الحادثة ناجمة على الأرجح عن صاروخ أطلقه نظام الدفاع الجوي الأوكراني للدفاع عن الأراضي الأوكرانية ضد صواريخ عابرة روسية.
أما أوكرانيا، الذي من الممكن أن تكون قد نفذت ما يعرف بعملية “العلم الكاذب” العسكرية، بهدف جرّ حلف الناتو الى الاصطدام العسكري المباشر مع روسيا، فقد طلبت إعطاءها حق الوصول الفوري إلى موقع سقوط الصاروخ. وهذا ما أعلنه سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أليكسي دانيلوف في تغريدة له بأن بلاده تطلب الوصول الفوري إلى موقع الضربة، مشيراً إلى أن حكومة كييف ترغب في إجراء تقييم مشترك للحادثة.
روسيا ترحب بالموقف الأمريكي
أمّا الموقف اللافت فكان من الجانب الروسي، الذي رحب بما وصفه بـ”ضبط النفس” الأميركي في ردّ الفعل. وهذا ما عبّر عنه المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف الذي قال بعد تنديده ب الهيستيريا من قبل مسؤولين كبار لدول عدة: “تجدر الإشارة إلى ردّ فعل يتميز بضبط النفس وأكثر مهنية من الجانب الأميركي”، مؤكداً أن بلاده لا علاقة لها بهذه الحادثة، التي أثارت توترات شديدة.
أما وزارة الدفاع الروسية، فقد اعتبرت الحادثة منذ البداية في بيان لها بأنه “استفزازا متعمَّدا بهدف التصعيد”، مشيرةً إلى أن الضربات العالية الدقة التي شُنّت على أوكرانيا كانت على مسافة تتجاوز 35 كلم من الحدود الأوكرانية البولندية. وهذا ما يزيد من احتمالية كونها عملية علم كاذب، أو ربما تكون ببساطة خطأً أوكرانياً.
فبحسب العديد من الخبراء، فإن الصواريخ الباليستية الروسية لا يمكن أن تخطئ أهدافها، لأنه يتم توجيهها من خلال إحداثيات نظام غلوناس (النظير الروسي لنظام تحديد المواقع العالمي GPS). لذلك ربما تكون الصواريخ الأوكرانية المضادة قد أخطأت أحد الصواريخ الروسية، واستهدفت عند مسار هبوطها محرك الجرار ذو الحرارة المرتفعة، لأنه يتم التحكم فيها بواسطة رأس موجه بالأشعة تحت الحمراء.
عمليات “العلم الكاذب”
_ هي عملية عسكرية سرية، مصمّمة لكي يتهم بالمسؤولية عنها مجموعة أو دولة أخرى، حتى تستخدم ذريعة لشن حرب أو لكي يتم استغلالها في تحقيق مصالح سياسية.
_ ويشير هذا المصطلح أيضا إلى الأنشطة التي قد يقوم بها الأفراد أو المنظمات الحكومية وغير الحكومية، لتقويض خصومهم السياسيين والعسكريين في نفس البلد.
_ ظهر هذا المصطلح للمرة الأولى، من خلال قناة “History” التي تحدّث أحد برامجها عن ممارسات سفن القراصنة قديماً، والتي كانت تحمل أعلام دول أخرى لخداع السفن التجارية، بالاعتقاد بأنها تتعامل مع سفينة صديقة. وقبل الهجوم مباشرةً، يقوم القراصنة بالكشف عن أعلامهم الحقيقية، فيما تبقى “الراية الكاذبة” ترفرف في الكثير من الأحيان خلال، عمليات النهب والسرقة والقتل، ومن هنا جاء مصطلح الهجوم تحت علم زائف.
_ومع مرور الوقت، بدأ إطلاق هذا الاسم على أي عملية سرية تسعى إلى نقل المسؤولية إلى طرف مختلف عن الطرف الذي ينفذها.
_ من أشهر العمليات: “حادثة غلايفيتز” التي استخدمها الزعيم النازي أدولف هتلر كذريعة لاجتياح بولندا في بداية الحرب العالمية الثانية. حينها أمر بعض ضباطه بالتظاهر بأنهم جنود بولنديون، وأن يشنوا هجوماً على محطة إذاعية في ألمانيا.
ومن اللافت بأن الكيان المؤقت قد استخدم مثل هذه الأحداث مرات عديدة، أبرزها قبيل اجتياح لبنان عام 1982، والذي جرى بعد اتهامه للمقاومة الفلسطينية في لبنان بمحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في برلين. فيما المنفذ كان مجموعات أبو نضال، الذي تحوم حوله الكثير من الشكوك لناحية ارتباطه بجهاز الموساد الإسرائيلي.
الكاتب: غرفة التحرير