تسير مصر على شفا حفر عميقة كانت بغالبيتها صناعة وطنية في بلد منتجٍ للأزمات، على مختلف الأصعدة، وفاقمتها الوصاية الغربية-الخليجية منذ عقود. وبينما تواجه العملة المصرية تراجعاً مستمراً في قيمتها، توجه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى عقد اتفاقيات عسكرية بمبالغ طائلة، على الرغم من انعدام احتمالية نشوب حروب تتورط بها القاهرة، حالياً.
في 3 كانون الثاني/ يناير الجاري، أعلنت شركة “بوينغ” الأميركية لصناعة الطائرات، أن “مصر ستشتري منها 12 مروحية عسكرية من طراز ” شينوك 47″، في صفقة بلغت أكثر من 426 مليون دولار”. وذكرت الشركة في بيان لها نشر على موقعها الالكتروني أن الجيش الأميركي قام بمنحها عقدا لإنتاج هذه الطائرات لصالح القوات المسلحة المصرية. مشيرة إلى ان “قيمة الصفقة بلغت 426 مليون دولار، وخضعت لقواعد هيئة المبيعات العسكرية الأجنبية التابعة لوزارة الدفاع الأميركية”.
بدورها، أوضحت القاهرة ان العملية المتفق على اتمامها قائمة على استبدال أسطولها من طائرات “شينوك 47 دي” بالطراز الأحداث من نوع “إف”، حيث ستستفيد من قدراتها المتقدمة المتعددة المهام. فيما نقل عن نائب رئيس الشركة، كين إيلاند، قوله: “إن الطائرات من النموذج “إف” ستعمل على الارتقاء بقدرات طائرات شينوك الخاصة بمصر وستساعد بشكل فعّال في إنجاز أهداف الحمولات الثقيلة”.
أواخر شهر أيار/ مايو عام 2021، أعلنت القاهرة عن اتفاق لشراء 30 مقاتلة فرنسية من طراز رافال (Rafale)، وهي صفقة جاءت وفق محللين في سياق تنويع مصادر التسليح، ورفع كفاءة الترسانة العسكرية لمصر. حينها، أشارت مؤسسة “الدفاع عن الديمقراطيات”، إلى انه على ضوء هذه الصفقة “اشتدت المخاوف في الولايات المتحدة من احتمال قيام عدد من دول المنطقة بتنويع مصادر تسليحها”، وهو ما وصفته المؤسسة بـ “انهيار مبيعات الأسلحة الأميركية إلى مصر في السنوات الـ 6 الأخيرة، مقارنة بالفترة التي سبقتها”.
كما قدمت المؤسسة أيضاً، عدة تحذيرات وتوصيات بهذا الشأن، لما تمثّله مصر من قوة إقليمية ذات موقع إستراتيجي بالنسبة لكيان الاحتلال.
ثلث الشعب المصري تحت خط الفقر
كما يبدو ان الاقتصاد المصري الآخذ في التدهور يرزح خارج أولويات السيسي. والواقع ان القاهرة اليوم تشهد أزمة مالية خانقة، وعجزاً بالموازنة، وركوداً اقتصاديّاً، يأتي كل ذلك مصاحبا لانهيار قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي، وتضاؤل الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة. فيما شهد الجنيه المصري، أكبر انخفاض في يوم واحد منذ صفقة صندوق النقد الدولي، بقيمة 3 مليار دولار في منتصف كانون الأول/ ديسمبر. حيث انخفض الجنيه من حوالي 24.7 دولارًا واحدًا إلى ما يزيد عن 26.3 مقابل الدولار، بعد حوالي ثلاثة أسابيع من تصديق مصر وصندوق النقد الدولي رسميًا على حزمة الدعم، التي تمت الموافقة عليها مقابل عدد من الإصلاحات الاقتصادية التي نفذها البنك المركزي في البلاد، بما في ذلك التحول إلى سعر صرف مرن.
تضرر الاقتصاد المصري بشدة جراء سنوات من التقشف الحكومي ووباء فيروس كورونا وتداعيات الحرب في أوكرانيا. منذ بداية عام 2022، فقد الجنيه المصري أكثر من 40٪ من قيمته مقابل الدولار، فيما تواجه البلاد حاليًا نقصًا في العملة الأجنبية. في الأشهر الأخيرة، عانت مصر أيضًا من ارتفاع معدلات التضخم، حيث تجاوز المعدل السنوي 18٪ في نوفمبر. وسعى البنك المركزي للحد من الارتفاع عن طريق رفع أسعار الفائدة.
أعلن البنك الأهلي المصري وبنك مصر -وهما من البنوك المصرية الحكومية – أنهما يقدمان شهادات ادخار عوائد بفائدة 25٪، وهي خطوة يعتقد الخبراء أنها محاولة أخرى لكبح جماح التضخم. وتشير صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها، إلى ان معظم المصريين يعتمدون على الإعانات الحكومية في تحمل تكاليف السلع الأساسية مثل الخبز، وهي السياسات المعمول بها منذ عقود. وبحسب أرقام حكومية، يعيش ما يقرب من ثلث سكان مصر البالغ عددهم 104 ملايين نسمة تحت خط الفقر.
الكاتب: غرفة التحرير